موضوع عربي | الدورة الثانية | 2018 | Wiplax

نص الموضوع :
شغلت القضايا الاجتماعية اهتمام الأدباء العرب فصوروا بأس الكادحين وسط واقعهم المرير , و عبروا عن احساسهم بالفقراء و تعاطفهم معهم , داعين إلى انقاذ الأطفال و تعليمهم من واقع الشقاء .
* ناقش الموضوع السابق و أيد ما تذهب إليه بالشواهد المناسبة مما ورد في كتابك المقرر , موظفا الشاهد الآتي على ما يناسبه من الفكر السابقة :
قال حافظ إبراهيم :
أنقذوا الطفل إنَّ في شقوة الطف *** ل شقاء لنا على كل حال
الموضوع :
شغلت القضايا الاجتماعية اهتمام الأدباء العرب لما كان لها من أثر يعم المجتمع و يلامس قضايا الناس و يغوص في واقعهم و حياتهم فكانت مهب ريح تعصف بمرساة الشاعر أين توجه و أين ذهب فهي تلامس روحه و عواطفه و تنغرس في وجدانه يتعامل معها في كل يوم و براها و ينفعل لأجلها فما كان له إلا أن يوجه تفكيره ليُصوّب ما كان منها خاطئاً سعياً منه لإصلاحه و توجيه البشرية إلى خير منبر و خير هدف تسعى إليه , فكان هذا الأديب سراجاً ينير للأمة طريقها و يوضح لها مسارها و يسلط الضوء على ما يجري في آفاقها .
فما كان له إلا أن يكون الناطق بأوجاعها و القلم المعبر عن طموحاتها , و مما صوره يأس الكادحين وسط واقعهم المرير أولئك الذين اختاروا العراء ملجأً لهم بعيداً عن بيوتهم و أرضهم بعد أن شُرّدوا عنها و أُجبروا على الخروج منها تحت هيمنة الاختلال و ظلمه فكان غطائهم الريح و نداءهم الجوع يتشوقون رؤية الأمل الذي يعيدهم للحياة و لكنه يهرب بعيداً عنهم و تنطفئ معه لمعة أعينهم و شوقهم للحياة و قد صوّر ذلك الشاعر أدونيس في أسطر يقول فيها :
مشتتون مضيعون على الدروب
صفر السواعد و القلوب
الجوع كل نداءنا
و الريح بعض غطاءنا
حتى الصباح يفر من آفاقنا
و يغيض في أحداقنا
كما تناول هؤلاء الشعراء مشكلة الفقر , فعبروا عن إحساسهم بالفقراء و تعاطفهم معهم , فكانت دموعهم تنزل حزناً , و ألماً يشتعل في داخلهم لما يرونه من فقر شديد يصيب الناس فيؤلمهم , نظرة الأم الخالية من الحياة و الأبناء الذين تلحفهم الرياح و يعتريهم الجوع و ذلك الابن الذي يخفف عن أمه و لا يدري أكان هذا سيجدي نفعا , فهذا ما تناوله الشاعر خير الدين الزركلي مبرزاً شدة حزنه لحال هذه العائلة الفقيرة مما دفعه إلى مد يد العون لهم داعيهم إلى ديار الكرم حيث سيعيشون حياةً تخلو من الفقر المقحف , بين أهل يعتلون في نفوسهم شعار المروءة و السخاء قائلاً :
بكى و بكت فهاج بي البكاء *** شجوناً ما لجذوتها إنطفاء
و قلت إليّ و الدنيا بخير *** لقد سمعت دعائكما السماء
هلم إلى مبرة أهل فضل *** شعارهم المروءة و السخاء
و كان لما عانوه و رأوه من حياتهم أثراً كبيراً في تنبههم لمسألة أولئك الأطفال الذين هم أمل المستقبل و شمعة الظلام , مما دفعهم إلى أن يعلوا أصواتهم داعين إلى إنقاذ الأطفال من واقع الشقاء و تعليمهم , فإن هؤلاء الأطفال هم المستقبل بكل تفاصيله فلا بد لنا أن نعلمهم خليقة يتحلون بها و أن نسرع لإنقاذهم من آلام الحياة و عواصف الدهر و نحفظهم لكي يكونوا عوناً لنا و سنداً نستأزر به عند ضعف حيلتنا و ليكونوا الأمناء على الأجيال التي تليهم و يحملوا معهم رسالة الحب و السلام لأحفادهم , فها هو الشاعر حافظ إبراهيم يوضح بأن إنقاذ الأطفال حاجةٌ ماساةٌ للمجتمع , فإن ما يؤثر عليهم سيؤثر على هذا المجتمع في جميع الأحوال قائلاً :
أنقذوا الطفل إنَّ في شقوة الطف *** ل شقاء لنا على كل حال
فما كان للأدب الاجتماعي إلا أن يعتلي منبراً يدعوا من خلاله إلى إصلاح المجتمع و محاربة الفساد و يشعل راية الهداية لمستقبل يملئوه التسامح و التحاب و العيش الرغيد .
فإن هؤلاء الأدباء قد شعروا بواجبهم الاجتماعي تجاه مجتمعاتهم مما دفعهم إلى صون هذا المجتمع من خلال الإفصاح عن حقيقة ما هي عليه أفكارهم و مشاعرهم في قالب فني يمارس تأثيره في الناس و يدفعهم إلى الاستصلاح و النهوض بالمجتمع و الذات .
للتحميل بصيغة pdf اضغط هنا