موضوع وحدة "أدب القضايا الإجتماعية" | الوحدة الخامسة | ص 140 | Wiplax

تناول الأدباء العرب في العصر الحديث القضايا الاجتماعية , فصوروا معاناة الكادحين , منددين بسلوك المستغلين , ثم شجعوا على البر و الإحسان للفقراء تارة ,
نص الموضوع :
تناول الأدباء العرب في العصر الحديث القضايا الاجتماعية , فصوروا معاناة الكادحين , منددين بسلوك المستغلين , ثم شجعوا على البر و الإحسان للفقراء تارة , و على النضال من أجل مستقبل مشرق تارة أخرى .
* ناقش الموضوع السابق , و أيد ما تذهب إليه بالشواهد المناسبة , موظفا الشاهد الآتي :
- قال وصفي القرنفلي :
الجوعُ صنعُ النَّاهبينَ الشعبَ صنعُ الأغنياءْ
أخذوا المعاملَ و الحقولَ و طوَّقونا بالقضاءْ
موضوع أدب القضايا الاجتماعية
الموضوع  :
تناول الادباء العرب في العصر الحديث القضاية الاجتماعية ، التي باتت لحناً خالداً في حياتنا اليومية ، لما لها من وقع على آذاننا، وضرباً عميقاً في انفسنا ، تلامس أرواحنا ، فالأدب وثيق الصلة بالقضايا الإجتماعية ، كلوحة لا تنفصم عراها ، فالمجتمع يمارس تأثيره في الأدب ليكون اللسان الناطق عن آلامه وآماله وتطلعاته وآهاته، فيكون هذا الانسجام بين الأدب وواقع الحياة الأجتماعية ، التي يفصح عنها في قوالب فنية تحت أنماط غنائية ، يزينها بروحه ومشاعره وفهمه لهذا المجتمع ، ليثير مشاعر سامية في جوهر القارئ ويدفعه للانفعال بهذا الواقع المترجم إلى كلمات .
فهنا الشعراء يصورون معاناة الكادحين ، الذين رفضوا أن يرضخوا لحكم الأستعمار وأن يكونوا عبيداً له ، فالتحفتهم الرّياح بقشعريرة تنتشر في روحهم وحسرة على ديارهم التي باتوا يفتقدون ريحها وهواءها النقي ، يستذكرون الأطلال من بعيد ، فيرونها مهدمة ، وحال شعبها التشرد والضياع ؛ويصف الشاعر أدونيس هذه المعاناة بكلمات مفعمة بأحاسيس الألم والحزن والأشتياق للوطن ، إذ يصف حالهم بأنهم ضائعون في مهاوي الحياة لا يملكون الطعام ولا يملكون الشباب للنضال ، يصرخون لجوعهم وينامون على الثرى ، ملتحفين بنسمة البرد بعيداً عن وطنهم ، ينظرون الصباح ويرونه بعيداً يهرب في الأفق ويتلاشى في أعماق أعينهم ، قائلاً:
متشتتون ، مضيعون على الدروب 
صفر السواعد والقلوب 
الجوع كل ندائنا، 
والريح بعض غطائنا 
حتى الصباح يفر من آفاقنا،
ويغيض في أحداقنا 
فتتعالى أصواتهم ، ينددون بسلوك المستغلين ، ويحقرون ما يبتدي لهم من أفعال مشينة لا تعبر إلا عن أناس فقدوا الأحاسيس وتجردوا من المشاعر يسرقون خيرات هذه البلاد ، ويُقحِمون الشعب البريئ في نيران الجوع والفقر والألم الشديد ، يصادرون كل المعامل والمصانع والحقول والمزارع ، وكل شيئ يفيد ويرفع حملاً عن هذا الجيل المستنزف من كل ألوان الحياة ، فيطوقنا الحصار ، ويستلب أرواحنا القضاء ، لنواجه الموت في أصعب حالات الافتقار للذة الحياة ، كما وصف ذلك الشاعر وصفي القرنفلي .
الجوعُ صنعُ الناهبينَ الشعبَ صنعُ الأغنياءْ
أخذوا المعامل والحقول وطوقونا بالقضاء 
وبعد أن كشفوا الأستار عن إجرام المستعمر وإفلاسه من قيم الأنسان ، أصحاب النفوس الحرة على البر والإحسان للفقراء ، المحتاجين يد العون التي تنزعهم من مخالب الدهر ، وتشفيهم من قروح الفقر و الجوع والحرمان ، يدٌ تعيدهم إلى سفر حياتهم الأول في ربوع وطنهم حيث كانوا ينعمون بحياة رغدة هنيئة تطوقها أسوار الفرح والسرور وتبهجها الأحلام التي تراودهم كل يوم ، قبل السحور ، وهنا يذكر الشاعر محمود سامي البارودي بضرورة التكافل الأجتماعي ومد يد العون للفقراء والتحلي بالمروءة والسختء إذ يقول :
هلم إلى مبرة أهل فضل *** شعارهم المروءة والسخاء 
وبعد كل ما مررنا به ، يحمل لنا الشعراء شعلة النضال من أجل المستقبل المشرق ، حيث لا بد ان نبذل كل طاقتنا وقوانا التي نستطيع ، لنعلي صرح أمانينا مرة من جديد ، فنواجه العدو ونخلد  على أرضننا راية نصر من جديد ، و يبرز الشاعر أدونيس هنا داعياً شباب الأمة بأن ترأف لحال أطفالها وأرضها التي تناديها بحنين أشتياق ، حيث يدعوها ان تواجه مقاسي الزمان و مصاعبه ،  وأن تنزع عن وجه الأمة قناع اليأس وتنهي عصر الجوع والفقر ، يدعوها ان تتشبث بهذا التراب وأن تبذل دماءها وفاء له ، كي تحرره من ظلم المستعمر الذي يخربه و يبعث فيه الدمار و الفساد ، كي يكون الغد المشرق باستعادة كل شبى من ثرى هذا التراب الطاهر ، وتُذكرَ عندها البطولات و يُذكرَ بأن هذه الأرض كانت منبت النضال وشعلة الأمل للمستقبل المشرق ، حيث يقول :
أقلوبنا ! رفقاً بنا ، لا تهربي 
وتقحمي عنف المصير 
في الجوع ، في اليأس المرير، 
وهنا ، على هذا التراب ، تتربي 
فغداً ، يقال :
من أرضننا طلع النضال 
ونما على أشلائنا 
وندائنا 
وعلى تلغتنا البعيد 
لغد جديد 
وفي الختام ، يتضح لنا أن الأدب الأجتماعي ، أدب يرتبط أرتباطاً وثيق الصلة بقضايا المجتمع ، بمختلف أصنافها من آلام وآمال ، وفيه تلامس كلمات الأديب روح الإنسان وجوهره ، لأنه تعبير صادق عما يدور في بيئته وعما يثير مشاعره وأحاسيسه ، فهو يفتح للروح أبواب البوح الصافي عما يسير في جفناتها ويتلظى بِحُرْقَتِها .